عندما يرفض الطالب الكذب على نفسه:
قصة طالب يرفض الكذب على نفسه ويواجه الحقيقة، كلمات تكشف الفرق بين الكتب الرسمية والواقع اليومي.
في أحد الفصول الدراسية، صفع المعلم تلميذه بعصبية وهو يصرخ:
"لماذا لم تنجز واجبك؟"
رد طالب بهدوء لا يخلو من الألم:
أستاذي : أنا لم أكتب الدرس لأنني لم أقتنع بما قرأت.
دهش المعلم وسأله: "ولماذا لم تقتنع؟"
فأجاب الفتى الصغير:
الكتاب يحدثني عن وطن غني بالخيرات، بينما بيتنا مبني من طين، وملابسي ودفاتري حصلت عليها من الجمعيات خيرية.
الكتاب يقول إننا بلد النفط والغاز، لكن والدتي ما زالت تطهو على الحطب، فلا غاز في بيتنا ولا كهرباء منتظمة.
توقف قليلا ثم تابع:
الكتاب يصف بلدي بأنه أرض الحضارات والبطولات، لكنني أتساءل: لماذا تبقى بلادي حبيسة الماضي بينما الأمم من حولها تنهض وتتطور؟
يقولون إننا متساوون في الحقوق والواجبات، غير أنني لم أحصل على حقي كمواطن أو كإنسان.
سيدي، لا أحب أن أكذب على نفسي، ولهذا لم أكتب الواجب."
كلمات التلميذ لم تكن مجرد رد على سؤال عابر، بل كانت صرخة صادقة تكشف التناقض بين ما يدرّس في الكتب وما يعيشه الواقع اليومي.
واقع يصرخ بالتناقض
في عالمنا العربي، كثيرا ما يتهم الذئب بدم القميص بينما يوسف يغتال في صمت.
المواطن وحده يدفع الثمن:
الأسعار باهظة، لكن قيمة الإنسان رخيصة.
يسمح لك أن تموت بلا ضجيج، لكن دفنك يحتاج إلى ترخيص وإجراءات.
حتى في المنافي، يظل البرد قاسياا، لا لأنه يلسع الجسد فقط، بل لأنه يكشف فراغ الروح البعيدة عن دفأ الوطن. وكأن الغربة لا تطفئ الجوع إلى الخبز أو التدفئة فحسب، بل تعمق الإحساس بالخذلان والوحشة.
كلمة أخيرة
قصة ذلك الطالب ليست مجرد حكاية صفية عابرة، بل مرآة لما يعانيه جيل كامل يعيش فجوة بين الشعارات والحقائق، بين الكتب الرسمية والواقع اليومي.
إن صدق الطفل في رفضه الكذب على نفسه هو في الحقيقة درس للمعلم، ولنا جميعا.
بأن الكلمة الحقيقية لا تشترى، وأن الوعي قد يولد من فم صغير يملك شجاعة قول: "لم أقتنع بما قرأت"..

.jpeg)
.jpeg)